lundi 31 août 2009

الاخلاق لاتحتاج الى آلهة



واحدة من أولى الأسئلة التي يقوم المؤمنين بطرحها على الملحدين و المتشككين على حد سواء ، هي : ان كنت لا تؤمن بالله ، اذن لا يوجد شئ يحول دون ارتكابك الجرائم ، اليس كذلك ؟ دون خوف من نار جهنم الأبدية ، يمكنك أن تفعل أي شئ تريده ، اليس كذلك ؟

مقدمة :
من الصعب تصديق أنه حتى اشخاص أذكياء و مثقفين يمكن أن يحملوا مثل هذا الرأي ، لكن هذا ما يحصل ! يبدو و كأنه لم يخطر ببالهم قط ، أن الاغريق و الرومان ، الذين كانت آلهتم و الهاتهم ..أقل من يُقارن بالفضيلة , ومع ذلك ادت تعاليمهم الى حياة ليست أسوأ من حياة الدينيين حاليا !
و علاوة على ذلك , فإن وثنيون مثل أرسطو و ماركوس اوريليوس تمكنوا من انتاج أطروحات أخلاقية عالية التطور ، نادرا ما يمكن أن تقارن بها أخلاق الديانات الابراهيمية !

بالطبع يخضع سلوك الملحدين لنفس قواعد علم الاجتماع ، و علم النفس ، و الفسيولوجيا العصبية التي تحكم تصرفات جميع أعضاء جنسنا ، بمافيهم الدينيين. و علاوة على ذلك - و على الرغم من احتجاجات معاكسة - كقاعدة عامة ، عندما يمارس الدينيون سلوكا أخلاقيا ، فهو لا يعود حقيقة لخوفهم من نار جهنم ، كما أنه ليس لآمالهم في الجنة.

السلوك الأخلاقي – بغض النظر عن من يكون الممارس – ينتج دائما من الأسباب ذاتها، و ينظم من قبل نفس القوى ، و لا ينتج اساسا من وجود أو عدم وجود المعتقد الديني. طبيعة هذه الأسباب و القوى هي موضوع هذه المقالة .

الأسس السايكوبيولوجية (Psychobiological Foundations) :

و الحزن في غمرة الحزن .
في طبيعتنا ، لحسن الحظ ، السعي لسعادة رفاقنا في نفس الوقت الذي نسعى فيه لسعادتنا نحن . سعادتنا أكبر عندما تكون مشتركة .
الطبيعة أيضا وفرت لنا اجهزة عصبية ذات محاكاة دامغة الى درجة كبيرة (imprintable) . و من المؤكد أن هذه الظاهرة ليست قاطعة أو يتعذر مقاومتها كما هي في الأوز ، حيث فرخ الأوز يمكن أن يحاكي دمية محاكة دامغة ..و يتبعها كما لو كانت أمه , حتى الهلاك !
مع ذلك ، فإن قدرا من المحاكاة الدامغة يبديها البشر .
الجهاز العصبي في الانسان يبدي حفاظا على قدرته على المحاكاة الدامغة بصورة جيدة و في سن متقدمة , و انه من المرجح جدا أن الظاهرة المعروفة باسم "الحب من أول نظرة" هي شكل من أشكال المحاكاة الدامغة .
المحاكاة الدامغة هي شكل من أشكال السلوك الودي . و هو يساعدنا في تشكيل علاقات خاصة قوية . انه قوة رئيسية تساعدنا على الخروج من الذات لخلق أصدقاء مهمين يمكن أن نحبهم بقدر حبنا لانفسنا .
هاتان الخاصيتان لجهازنا العصبي – الايحاء العاطفي و المحاكاة الدامغة – رغم انهما اساس كل سلوك الايثار و الفن ، هي متوافقة تماما مع سمات الأنانية لكل السلوكيات التي أوجدتها عملية الانتقاء الطبيعي . هذا يعني ان شريحة واسعة من السلوكيات التي ترضينا ، موجودة في نفس الوقت لترضي من حولنا ، و العكس صحيح .


لذلك يجب ان لا نتفاجأ عندما نأخذ ذلك في الاعتبار وسط مجتمعات اقرب أبناء عمومتنا ، القردة العليا ، فسلوكها الاجتماعي ليس فوضويا ، حتى اذا كانت الغوريللا تفتقر للوصايا العشر !
الشمبانزي اليافع ليس في حاجة الى نبوءة لتقول له ان يكرّم امه و ان يمتنع عن قتل اشقائه و شقيقاته . بطبيعة الحال ، المشاحنات العائلية بل و حتى القتل قد لوحظ في مجتمعات القرود ، غير أن هذه التصرفات هي الاستثناء و ليس القاعدة . و هي كذلك أيضا في المجتمعات البشرية ، في كل مكان و زمان .

القردة الأفريقية - التي جيناتها 98 – 99 % مطابقة لنا – تمضي حياتها كحيوانات اجتماعية ، متعاونة في عيشتها تماما من دون استفادة من رجال دين و وصايا .
و يذكر كذلك ان علماء البيولوجيا الاجتماعية لاحظوا سلوكا ايثاريا بين حشود البابون . أكثر من مرة في حشود هوجمت بواسطة نمور ، لاحظوا ان ذكورا تجاوزت سن الانجاب قاموا بالتباطؤ في مؤخرة الحشد الهارب ، لتشغل النمور فيما يؤدي غالبا الى قتال انتحاري .
كما ان الذكور الهرمة أخرت النمور مضحية بحياتها نفسها ، الاناث و الصغار تهرب و تعيش لتحقق مصائرها المختلفة .
البطولة التي نراها تحصل من وقت لآخر ، من رفاقنا رجالا و نساء ، هي أقدم كثيرا من أديانهم .
قبل فترة طويلة من الآلهة التي أنشأها أجدادنا الأقل شجاعة بعقولهم الممتلئة بالخوف ..البطولة و التضحية بالنفس ، من أجل الحب ، كانت موجودة .
هم لم يحتاجوا الى عذر خارق للطبيعة في ذلك الحين ..كما أنهم لا يحتاجونه الآن .
و بالنظر الى الواقع العام ، حيث أن التطور جهزنا بأجهزة عصبية
متحيزة لصالح السلوك الاجتماعي أكثر من اللااجتماعي ، فمع ذلك أليس صحيحا أن هذا السلوك الضد اجتماعي موجود ، و هو موجود بكميات أكبر من السلوك الاجتماعي ؟
للأسف هذا صحيح ، لكنه صحيح لأننا نعيش في عالم أكثر تعقيدا من عالم العصر الحجري الذي تطورت فيه أجهزتنا العصبية . لفهم الأهمية الأخلاقية لهذه الحقيقة ، يجب علينا أن نستطرد قليلا و نعيد النظر في التاريخ التطوري للسلوك الانساني .

استطراد :
اليوم ، تستطيع الوراثة ان تتحكم في سلوكنا من خلال الطرق العامة فقط ، فهي لا يمكن أن تملي السلوك الدقيق الملائم لكل الظروف المختلفة اللانهائية في عالمنا ، الوراثة تحتاج الى المساعدة .

في عالم ذبابة الفاكهة ، على النقيض من ذلك ، فان المشاكل التي يتعين حلها قليلة العدد و يمكن التنبؤ بها في الطبيعة ، و نتيجة لذلك عقل ذبابة الفاكهة مبني الى حد كبير على الوراثة . و هذا يعني ان معظم السلوكيات تنتج من تفاعل الدوائر العصبية مع البيئة و التي تعمل اوتوماتيكيا ما أن تتكون الحشرة الكاملة
و هذا مثال صارخ على ما يسمى السلوك الغريزي .
كل سلوك هو تسلسل لجين أو جينات و التي تهيئ الجهاز العصبي لتطوير أنواع معينة من الدوائر و ليس غيرها ، و حيث يكون من المستحيل أن تعمل خلافا للنظام الجيني الموجود سلفا .

عالم الثديات – الثعلب مثلا – هو أكثر تعقيدا من ذلك بكثير و لا يمكن التنبؤ به بنفس طريقة ذبابة الفاكهة
نتيجة لذلك الثعلب يُولد و معه جزء فقط من دوائره العصبية المثبتة . كثير من خلاياه العصبية تبقى مرنة خلال حياته . أي أنها قد تتصل أو لا تتصل مع بعضها في دوائر وظيفية ، اعتمادا على الظروف البيئية . السلوك المكتسب هو السلوك الذي ينتج عن تفعيل دوائر الظروف البيئية المشروطة هذه . التعلم يسمح للحيوان الثديي ان يتعلم عن طريق "التجربة و الخطأ" أكثر بكثير من السلوك التأقلمي الذي ينتقل عن طريق الوراثة . الثعلب سيكون عبارة عن جينات محبوسة بين جدران ، اذا كانت جميع تصرفاته محددة وراثيا .

مع تطور البشر ، تعقد البيئة زاد تناسب الجينات و تغيرات الخلايا العصبية ، مميزا ايانا عن اسلافنا القردية. و يرجع هذا جزئيا الى أن جنسنا تطور في فترة انحراف مناخي عظيم – العصور الجليدية – و يرجع ذلك جزئيا أيضا الى أن سلوكياتنا نفسها بدأت بتغيير بيئتها . البيئة المتغيرة بدأت بدورها في خلق مشاكل جديدة يجب أن تحل . حلولها غيرت البيئة أكثر و هكذا . فمن ثم فان اكتشاف النار أدى الى حرق الأشجار و الغابات ، مما أدى الى تدمير امدادات الماء المحلية و تجمعات المياه ، الأمر الذي أدى الى تطوير الهندسة لبناء القنوات المائية ، مما أدى الى القوانين المتعلقة بحقوق المياه ، الأمر الذي أدى الى الصراع الدولي ، و هكذا دواليك .

و نظرا لهذا التعقيد ، حتى القدرة على تعلم سلوكيات جديدة ، هي في حد ذاتها غير كافية . اذا كانت التجربة و الخطأ هي الوسيلة الوحيدة ، معظم الناس سيموتون من الشيخوخة قبل اعادة اكتشاف النار أو اعادة اختراع العجلة . كبديل عن الغريزة و لزيادة كفاءة التعلم ، الجنس البشري طور الثقافة . تم تطوير القدرة على التدريس (مثل التعلم) ، و وسيلة التجربة و الخطأ أصبحت الملاذ الأخير .

بنقل الثقافة ، مرورا باجمالي السلوكيات المتعلمة المشتركة بين السكان ، يمكننا أن نقوم بما لا يسمح به الاختيار الجيني الدارويني ، يمكننا أن نُورث صفات شخصية مكتسبة . العجلة تم اختراعها مرة واحدة ، و تصنيعها و استخدامها يمكن أن ينتقل عبر الأجيال . الثقافة يمكن أن تتكيف مع التغييرات بسرعة أكبر كثيرا مما يمكن للجينات أن تفعله ، و هذا يؤدي الى اضطرابات و قلاقل بيئية . من ناحية وسائل نقل الثقافة ، تلك السلوكيات التي ثبت جدواها في الماضي يمكن أن تدرس على وجه السرعة الى الشباب ، حتى أن التكيف مع الحياة – مثلا على الغطاء الجليدي لغرينلاند – يمكن ضمانه .


و حتى مع ذلك ، نقل الثقافة يميل الى ان يكون جامدا : استغرق أكثر من مائة الف سنة لتسنين جانبي الفأس اليدوي ! الطفرات الثقافية ، مثل الطفرات الجينية ، تميل في أغلب الأحيان الى أن تكون ضارة ، وكلاهما تحصل له مقاومة ، الأولى من قبل المحافظة الثقافية ، و الثانية من قبل الانتقاء الطبيعي . لكن التغيرات تزحف أسرع من معدل التغير الجيني ، و الثقافات تتطور ببطء و لكن أسرع من تلك . حتى أن الديناصور الثقافي المعروف باسم الكنيسة الكاثوليكية – على الرغم من مطالبتها بان تكون هي فقط مستودع الحقيقة الثابتة و السلوك القويم – قد تغيرت كثيرا منذ بدايتها .

بالمناسبة ، معظم الاديان لاتزال محتجزة في مرحلة الفأس اليدوي من مراحل التطور السلوكي . شرائعنا الاخلاقية المستبدة و المتصلبة ، لاتزال مثبتة أيضا في هذه المرحلة . الوصايا الدينية هي من نظير "هكذا كيف تفرك العصي معا" تلك المرحلة من التطور التكنلوجي !
اذا كان النوع الوحيد من النار الذي تريده هو ذلك الذي يدفئ كهفك ويكفي لطبخ المحار ، فان طريقة فرك العصي تكفي . لكن اذا اردت نارا لدفع طائرتك النفاثة ، فلابد من القيام ببعض التغييرات .

ذلك أيضا مع نقلات للسلوك الأخلاقي . اذا اردنا أن نحيا حياة معقدة اجتماعيا ، كما أن الطائرات النفاثة معقدة من الناحية التكنلوجية ، نحن بحاجة الى شئ أكثر من الوصايا الدينية . نحن لا يمكن أن نؤسس قوانيننا الأخلاقية على أهواء و اجراءات تعسفية تم ابلاغنا بها من قبل أشخاص يزعمون انهم مختصون بالاطلاع على نوايا أولئك الذين يقطنون سيناء أو الأوليمب !
أخلاقنا لا يمكن أن تستند على الحيل التي تتعلق بطبيعة البشر و لا التقارير المزيفة المتعلقة بالآلهة . أخلاقنا يجب أن تكون مزروعة بقوة في تربة معرفة الذات العلمية . يجب أن تكون قابلة للتحسين و قابلة للتكيف .

أين اذن ، و بماذا سنبدأ ؟

عودة الى الأخلاق :
أظهر افلاطون منذ زمن بعيد في حواره ، اننا لا يمكن أن نعتمد على الأوامر الأخلاقية لله . افلاطون تساءل عما اذا كانت وصايا الله جيدة لمجرد أن الله أوصى بها ، أم لأن الله يعلم ما هو الجيد و عمل وفقا لذلك . اذا كان شئ ما جيد لمجرد ان الله أمر به فاي شئ يمكن أن يعتبر جيدا . لن يكون هناك أي وسيلة للتنبؤ بماذا سيرغب الله بالضبط لاحقا ، و سيكون بلا معنى تماما اثبات ان الله نفسه جيد . رجم الأطفال بالحجارة من شأنه أن يكون جيدا بنفس القدر كمبدأ "أحب أعداءك" . ( و يبدو ان طيبة إله العهد القديم هي بالضبط من هذا النوع )
و من ناحية أخرى اذا كانت وصايا الله مؤسسة على معرفة للخير المتأصل في الشرع ، فنحن نواجه ادراك أن هناك مستوى من الخير مستقل عن الله ، و يجب علينا أن نعترف انه من المستحيل أن يكون مصدرا للأخلاق . في سعينا من أجل الخير يمكننا ان نتجاوز الله و الذهاب الى مصدره !
و نظرا الى أن الآلهة لا يمكن بداهة ان تكون مصدرا للمبادئ الأخلاقية ، علينا ان نسعى الى امثال هذه المبادئ في العالم الذي نحن قد طورناه
يجب علينا أن نجد السمو في الدنيا .

ماذا يمكن أن نعتمد كمبدأ ؟

"مبدأ المصلحة الذاتية المستنيرة" هو تقريب أولي ممتاز للمبدأ الأخلاقي الذي يتفق على حد سواء مع ما نعرفه عن طبيعة البشر و ذو أهمية بالنسبة لمشاكل الحياة في مجتمع معقد .

دعونا ننظر لهذا المبدأ :

أولا يجب أن نميز ما بين المصلحة الذاتية "المستنيرة" و "غير المستنيرة" . و يجب ان نتخذ مثالا صارخا على سبيل الايضاح . لنفترض أنك تعيش حياة انانية تماما من تلبية فورية لكل رغبة . لنفترض انه ايا كان هناك شخص عنده شئ ما تريده ، فأنت تأخذه لنفسك . فانه لن يمر وقت طويل على الاطلاق حتى يكون الجميع امامك يحمل سلاحه ضدك . و ستقضي كل ساعاتك مختبئا من الانتقام . تبعا لفظاعة انشطتك ، من الممكن جدا ان تفقد حياتك في عربدة انتقام جيرانك . حياة من المصلحة الذاتية الغير مستنيرة الكلية ، قد تكون ممتعة اذا استمرت ، و لكن ليس من المرجح ان تستمر طويلا .

الشخص الذي يمارس المصلحة الذاتية "المستنيرة" على العكس هو الشخص الذي استراتيجيته السلوكية ترفع الى الحد الأقصى و في وقت واحد ، كثافة و أمد الأرضاء الشخصي . الاستراتيجية المستنيرة هي الوحيدة التي اذا مارستها لفترة زمنية طويلة ستولد كميات أكبر من المتع و الرضا لاستمرارها .

كيف يمكن القيام بهذا ؟

من الواضح ان هناك الكثير للحصول عليه عن طريق التعاون مع الآخرين بدلا عن الافعال الأنانية المعزولة . رجل واحد مع حجر لا يمكنه أن يقتل جاموسا من أجل العشاء . مجموعة من الرجال أو النساء مع كمية من الحجارة يمكنهم ان يدفعوا الوحش الى منحدر – و حتى بعد تقسيمهم اللحم فيما بينهم – يتبقى منه ما هو أكثر مما كانوا سيحصلوا عليه من دون تعاون بينهم .

لكن التعاون هو طريق ذات اتجاهين . اذا تعاونت مع مجموعة من الآخرين لقتل جاموس ، و في كل مرة يقودونك بعيدا عن الجثة و يأكلونه لوحدهم ، انت ستأخذ خدماتك سريعا الى مكان آخر ، و ستترك ناكري الجميل لتذهب و تتعثر من دون ما يعادل العصر الحجري . العدالة لها جذورها في مشكلة تحديد الانصاف و المعاملة بالمثل في مجال التعاون .
اذا انا تعاونت معك في حقلك للذرة ، كم سأحصل من الذرة في موسم الحصاد ؟ عندما تكون هناك عدالة ، التعاون يعمل على أقصى كفاءة ، و ثمار التعاون تصبح أكثر جاذبية من أي وقت مضى . و هكذا ، فالمصلحة الذاتية المستنيرة تنطوي على الرغبة في تحقيق العدالة .
مع العدل و التعاون ، يمكن أن يكون لدينا سيمفونيات . و بدون ذلك ، نحن لا نملك حتى أغنية .

دعونا بعرض هذه المقالة ، نعود الى النقطة التي غادرناها .
لأن لدينا أجهزة عصبية لحيوانات اجتماعية نحن نكون بصفة عامة أكثر سعادة ، بين رفاقنا ، أكثر من ان نكون لوحدنا . لأننا حساسون عاطفيا ، ففي أثناء اختبارنا للمصلحة الذاتية المستنيرة ، لابد أن نكون حكماء في اختيارنا للسلوكيات التي تجعل الآخرين سعداء و راغبين في تقبلنا و التعاون معنا – لأن سعادتهم سوف تنعكس علينا ، مقوية سعادتنا نحن الخاصة .
و من ناحية أخرى ، فان الاجراءات التي تضر الآخرين و تجعلهم تعساء – حتى لو لم يقوموا علنا بردود افعال تقلل من سعادتنا – حساسيتنا العاطفية ، ستجعلنا أقل سعادة .

لأن أجهزتنا العصبية ذات محاكاة دامغة ، فنحن لسنا قادرين فقط على الحب من أول نظرة ، بل قادرين على حب الأشياء و المثل العليا فضلا عن الأشخاص ، و نحن قادرون على الحب برجات متغيرة .
مثل فرخ الأوز المنجذب الى اللعبة ، نحن يتم جذبنا الى الأمام بالرغبة في الحب . خلافا لطريقة حب فرخ الأوز ، حبنا ، الى حد كبير ، تشكله الممارسة ، و قابل لأن يأتي بالتعلم . و بالتأكيد من الأهداف الرئيسية للمصلحة الذاتية المستنيرة ، هو اعطاء و تلقي الحب ، من النوعين الجنسي و اللاجنسي .
و كقاعدة عامة - و ان لم تكن مطلقة - يجب عينا ان نختار تلك التصرفات التي من المحتمل أن تجلب لنا المحبة و القبول ، و يجب علينا تجنب تلك التصرفات التي لن تجلبهما .

و ثمة هدف آخر من المصلحة الذاتية المستنيرة و هو السعي الى الجمال بجميع أشكاله ، لحفظ و اطالة الصدى الذي يتردد بين العالمين الخارجي و الداخلي . الجمال و الحب ليسوا سوى جوانب مختلفة من نفس الجوهرة : الحب جميل ، و نحن نحب الجمال .

تجربة الحب و الجمال ، على كل ، هي وظيفة غير فاعلة للعقل . كم هو أكبر بكثير ذلك الفراح الذي يأتي من خلق الجمال . كم هي لذيذة استعمال قوانا المبدعة في توليد ما يمكن أن يُحب . الرسم و عزف البيانو ليسا بالضرورة الشروط الأساسية لممارسة الابداع : اننا كلما حولنا المواد الخام من الصورة التي تتواجد بها الى صور أخرى أفضل من التي و جدناها عليها ، نكون خلاقين .

مهمة التربية الأخلاقية اذن ، ليست عن طريق التكرار بترسيخ لوائح كبيرة من افعل و لا تفعل ، وانما لمساعدة الناس على التنبؤ بالآثار المترتبة على الاجراءات التي يجري النظر فيها . ما هي الآثار و العوائد الطويلة الأجل و الفورية ، التي تترتب على تصرفاتهم . هل ستؤدي افعال الشخص الى زيادة أم نقصان فرصه في اختبار لذة ثلاثي الحب ، الجمال و الابداع .

هكذا يحصل ، عندما ينتهج الملحد ايجاد الحلول لمشكلة ايجاد اسس طبيعية للحقوق و الأخلاق و ينشئ قواعدا غير خارقة للسلوك ، فيبدو كما لو أن الطبيعة نفسها قدمت الحل للمشكلة الى حد كبير .
في الواقع ، يبدو أن مشكلة انشاء قواعد انسانية طبيعية للسلوك الأخلاقي ، ليس جزءا كبيرا من مشكلة على الاطلاق . ان من طبيعتنا الرغبة في الحب ، السعي الى الجمال ، و الى التشويق الخاص بالابداع . التعقيد المضلل الذي نراه عندما ندرس الشرائع الأخلاقية التقليدية لا يبدو أنه ضروري : انه الى حد كبير نتيجة محاولات عبثية لاستيعاب احتياجات الانسان الى طوطمات و تابوهات الشياطين و الآلهة التي خرجت معنا من الكهوف عند انتهاء حقبة العصر الحجري – لتتصيد بيوتنا منذ ذلك الحين
كبشر ، نحن حيوانات اجتماعية . و نشاطنا الاجتماعي هو نتيجة للتطور ، لا الإختيار . الانتقاء الطبيعي جهزنا بأجهزة عصبية حساسة للحالة العاطفية لرفاقنا . في نوعنا العواطف معدية ، و يُعتبر طفرة نادرة مضطربة العقل بيننا ، ذلك الذي يستطيع أن يكون سعيدا في خضم مجتمع حزين . من طبيعتنا ان نكون سعداء في غمرة السعادة .

FRANK ZINDLER

... has a distinguished academic career as a former biology and geology professor, science writer, linguist and bible-era historian. He has authored numerous books and articles dealing with a wide range of subjects, everything from the alleged historicity of Jesus to the on-going controversy over teaching creationism in our public schools. His tenure as an activist with American Atheists goes back over 30 years. Frank is a nationally-recognized speaker and debater, and has served as an eloquent spokesperson for our organization.

He is a member of the American Association for the Advancement of Science, the American Chemical Society, and the American Schools of Oriental Research. He is the Ohio Spokesperson for American Atheists.
In 2008 Frank served as President Pro Temp for American Atheists.

http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/Social/social-0036.htm

1 commentaire:

amorenew a dit…

ان التفسيرات فى هذا المقال تهمل الكثير من الحقائق مثل ان الله هو من وضع نظاما للقرود لكى تسير عليه حياتها
وأيضا حدث فى امريكا ان انقطع الكهرباء فى نيويورك فقام الكثير من الامريكان بكثر المحلات وسرقتها بما يقدر بالملايين
لقد كان العالم فى ايام الجاهلية القوى ياكل الضعيف ويسيطر مبدا القوى ولكن عندما جاء الاسلام حرر الناس من عبودية العباد الى عبودية خالق العباد و ان الله قادر على يجبر العباد جميعهم على عبادته ولكن ترك لهم الخيار حتى يرى من يقبل اليه محبته فيه وتعظيما له بسبب نعمه عليهم